الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرطبي المسمى بـ «الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان» **
{والعصر} قوله تعالى{والعصر} أي الدهر؛ قاله ابن عباس وغيره. فالعصر مثل الدهر؛ ومنه قول الشاعر: أي عصر أقسم الله به عز وجل؛ لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها، وما فيها من الدلالة على الصانع. وقيل: العصر: الليل والنهار. قال حميد بن ثور: والعصران أيضا: الغداة والعشي. قال: يقول: إذا جاءني أول النهار ووعدته آخره. وقيل: إنه العشي، وهو ما بين زوال الشمس وغروبها؛ قاله الحسن وقتادة. ومنه قول الشاعر: وعن قتادة أيضا: هو آخر ساعة من ساعات النهار. وقيل: هو قسم بصلاة العصر، وهي الوسطى؛ لأنها أفضل الصلوات؛ قال مقاتل. يقال: أذن للعصر، أي لصلاة العصر. وصليت العصر؛ أي صلاة العصر. وفي الخبر الصحيح قال مالك: من حلف ألا يكلم رجلا عصرا: لم يكلمه سنة. قال ابن العربي: إنما حمل مالك يمين الحالف ألا يكلم امرأ عصرا على السنة؛ لأنه أكثر ما قيل فيه، وذلك على أصله في تغليظ المعنى في الأيمان. وقال الشافعي: يبر بساعة؛ إلا أن تكون له نية، وبه أقول؛ إلا أن يكون الحالف عربيا، فيقال له: ما أودت؟ فإذا فسره بما يحتمله قبل منه، إلا أن يكون الأقل، ويجيء على مذهب مالك أن يحمل على ما يفسر. والله أعلم. {إن الإنسان لفي خسر} هذا جواب القسم. والمراد به الكافر؛قاله ابن عباس في رواية أبي صالح. وروى الضحاك عنه قال: يريد جماعة من المشركين: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبدالمطلب بن أسد بن عبد العزى، والأسود بن عبد يغوث. وقيل: يعني بالإنسان جنس الناس. {لفي خسر} لفي غبن. وقال الأخفش: هلكة. الفراء: عقوبة؛ ومنه قوله تعالى {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} قوله تعالى{إلا الذين آمنوا} استئناء من الإنسان؛ إذ هو بمعنى الناس على الصحيح. {وعملوا الصالحات} أي أدوا الفرائض المفترضة عليهم؛ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
|